الاثنين، 15 يونيو 2009

ماذا في الطلاق؟ (قصة)

كأني أتيت بمعجزة حين طلبت الطلاق,انهالت مجالس التحقيق على هيئة مجالس الإصلاح, يريدون معرفة أدق التفاصيل, لا بأس, و ماذا في ذلك؟, في نهاية كل جلسة يصاب الحاضرون بالدهشة, لم يسألني أحدهم عن إحساسي أنا, الرجل يعمل عملا إضافيا كي يوفر متطلبات الحياة, و ماذا في ذلك الكل يفعل هذا, لم يعاملني بخشونة أو فظاظة, و هل يجرؤ؟ يقوم بواجباته الزوجية و لكني أشعر أنه يأخذ مني و لا يعطيني, أحلم برجل يضيعني في أحضانه و هو لا يفعل, أريد شيئا ما لا أعلمه و لكنه ليس عنده, مستقيم و ملتزم , أعلم هذا منذ البداية و إلا لم تزوجته, أريد رجلا أثرثر بجانبه فلا يشتكي صداع رأسه, أريد رجلا يعاملني كملكة متوجة أكون مليكته و معبودته أما هو فواقعي جدا, بارد جدا, منهك دائما, تشغله الميزانية أكثر مما أشغله أنا, حياته دائرة مغلقة و أدور أنا معه و أنا أرفض دائرته تلك. أخيرا حررت نفسي منه , كنت سعيدة جدا باستعادة حياتي القديمة في منزل أهلي, صحيح أرى في عيني أبوي ما أرى من خليط من اللوم و الشفقة و لكني أتجاهل ذلك, حتما سيعتادون الوضع الجديد, الصديقات بين مؤيد و معارض و الفريقان له أسبابه و مبرراته حتى أحسست أني في مباراة و الكل يشجع بطريقته, ما عدا جيهان و التي كانت تسمعني كثيرا و لا تعلق إلا بالقليل.
- جيهان لم ترفضين طلاقي؟
- اسمعي يا هند, ليس طلاقك فقط ما أرفضه.
- ماذا في الطلاق؟
- لا شئ في الطلاق كمبدأ افتراق, كقرار و لكن المشكلة كيف نتخذه و هل نحن مؤهلون لذلك؟ و هل نحن عادلون ساعة اتخاذه؟
- المفروض أن تفهميني فأنت امرأة مثلي.
- أنا أفهمك جيدا و أريدك أن تنظري داخل نفسك كي تفهميها.
- ماذا تريدين أن تقولي .....؟
- هند أنت ممتلئة إلى آخرك بعالم من الأفلام و الروايات لا علاقة له بواقعنا, أنت تحتاجين التوغل أكثر في عالم النساء كي تعرفي كيف تدار مؤسسة الزواج و تستمر لصالحك و صالحه و صالح أطفال سيأتون.
- جيهان أنت تنكرين علي أنوثتي.
- أنكر عليك طفولتك عندما تتخذ القرارات بدلا منك طول الوقت.
- و ماذا في يدل على الطفولة؟
- أنك لا ترينه طول الوقت, و ما يدريك ما ينقصه هو؟أجبتها بحدة : و ما الذي ينقصه؟ يجب أن يحمد الله أني رضيت به يوما.
- أرأيت؟ و من أين أتيت بتلك الثقة المرعبة؟ بلبلني السؤال و أجبتها بنبرة أكثر حدة: هكذا من داخلي.
- و لماذا لا يكون ما تشعرين به هو بديل عن تحمل المسئولية في مرحلة انتقالية من أشد المراحل حرجا , الانتقال من بيت أبيك إلى بيتك و بيته ..... بيتكما.كنت أريد موافقتها كالأخريات بل أن موافقتها كانت تهمني أكثر من أي واحدة منهن, حاولت الابتعاد عنها فهي الوحيدة التي كانت تدرك شيئا ما لا أعلمه و كأنها تخترق أعماقي أما الباقيات فقد كان الحديث أسهل معهن بكثير. بعد ذلك رأيتها في أحلامي تحاول خنقي و أنا أركض هربا منها, كان قلبي يدق بشدة و أنفاسي تتسارع فأقوم من نومي مذعورة لأتحسس رقبتي . ابتعدت عنها و العجيب أنها لم تصر على قربها مني كما يفعل فريق المشجعات.حاولت أن أشغل نفسي أغلب الوقت و لا أعود للمنزل حتى موعد النوم, كنت أريد أن أنسى الأمر كله, صورة أمي تأتيني في منامي غاضبة, أعلم أنها غاضبة فعلا و لكنها لا تحدثني في ذلك, أما أبي فالواضح أنه يتحمل تصرفاتي على مضض. أصبحت مرحة كما كنت قبل الزواج و ربما أكثر و لكن علي فقط ألا أفكر كي أستمر. مضت أشهرا عديدة سعيدة بحياتي إلى أن رن جرس الهاتف و إذا به على السماعة زوجي السابق .... طليقي, لم يطل الكلام و طلب أن يقابلني آخر الأسبوع و لم أدر كيف أرد فقد كانت مفاجأة كبيرة, وضع السماعة قبل أن يسمع ردي يا لها من جرأة .. يتصل بي أمام أبي و أمي , ينظران و لا يعلقان , لم يسألاني عما قاله, ما هذا؟ ... مؤامرة ما؟ ... أم ماذا؟ .. لا بأس سأذهب لأريه قدره, إنه لا شيء و لا تأثير له علي, سأذهب و أنصحه أنه يحتاج خادمة لا زوجة, ... و لكن لماذا أذهب من أساسه؟ .. لا بأس أريد أن أرى حاله و ما آل إليه من بعدي.
تعمدت ألا أتزين أو أتأنق و وجدته ينتظرني حسب الميعاد, هو أيضا لم يتأنق, جلسنا نتحدث و قد أعددت دفاعاتي جيدا و لكنه لم يهاجم كي يثبت من المخطئ , حاولت استدراجه من طرف خفي و لكنه يبدو غير مهتم, ظننت أنه سيشكو حاله من بعدي و يرجوني العودة و لكنه لم يفعل أيضا, كنت أتربص به و لكني رويدا رويدا نسيت التربص كما نسيت الحرص و انساب حديثنا هنا و هناك و لكن ما هذا الذي أشعر به, مشاعر غريبة و لكنها لذيذة, في نهاية جلستنا اتفقنا على لقاء آخر, لم أستطع حقيقة أن أمانع, لن أخبر أبوي إذ ماذا سيقولان؟ .. أريد أن أخبر أمي و لكنني لا أجرؤ, هي سألتني عما تم في اللقاء فأجبتها: لقاء عادي و لم تطل الكلام, لماذا لم تضغط علي, ماذا يعلمون عني .
في لقائنا الثاني أحسست به منهكا, أخبرته ملاحظتي فابتسم, حاولت أن أحتد عليه لكني لم أجرؤ, أخبرني أني كبرت خلال الأشهر الماضية, قلت فرصة لافتعال أزمة و لكنه امتص غضبي و هدأت أسرع من المعهود. تعددت اللقاءات, كنت في كل مرة أشعر أن قربه يعطيني شيئا ما و إذا به يطلب مني أن نذهب لشقته – شقتي سابقا- لماذا لم أرفض؟ .. كنت أريد أن أراها من باب حب الاستطلاع ليس إلا, في الطريق كنت أفكر في شيء واحد فقط ألا و هو كم فتاة دعاها الكلب إلى بيتي - شقته- سوف أكتشف بنفسي فهو لا يجيد إخفاء شيء و لسوف أعطيه درسا لن ينساه, ما أن وصلنا حتى ثارت ثائرتي حين وجدته و قد غير بعض الأثاث من موضعه, كان يضحك و لا يرد منبها إياي أن الجيران سوف يسمعون, هدأت و جلست و كأنني أذعنت لعينيه كانت أنفاسي تتسارع و قلبي يخفق بشدة و هو يقتادني إلى غرفة نومي سابقا و ما أن أحاطني حتى استسلمت, حضرتني صورة جيهان و هل هذا وقته؟.... أحسست أنه يأخذ مني ليعطيني ثم يأخذ مني ليعطيني و كنت أضيع لأعود فأضيع لأعود , بعدها جلست على حافة الفراش باكية منتحبة و هو يهون علي في حنان أحسسته يغمر جوارحي ليطمئن وجداني, أقسمت له أنها المرة الأولى و التي أخطئ فيها هذا الخطأ البشع و أقسم لي أنه واثق من ذلك, طلبت منه أن نصلح الخطأ فسألني كيف؟
قلت: نتزوج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق