الاثنين، 29 مارس 2010

بريق عينين

بريق عينين
ريشتي ,خوفي,إحباطي,ترددي,شكوكي,وحدتي,يأسي,انكساري, معا يصنعون فني, ليس ذنبي أن ولدت فقيرا و عشت كذلك, دبرت مصاريف زواجي بشق الأنفس, اخترتها ريفية بسيطة متعلمة تتناسب مع حالتي, أيام الخطبة استحسنت هوايتي و لكنها بعد زواجنا أخبرتني بخطأ حساباتها إذ كانت تعتقد أني سأعمل باللوحات التجارية و تقليد اللوحات المشهورة كي أدر دخلا إضافيا و لكنها فوجئت أن لوحاتي مثل أولادي لا أفرط فيها بثمن بخس , تغيرت نظرتها تدريجيا إلى أن صرفت نظر, أنا غير موجود إلا لغرض ما , فيما عدا ذلك فأنا ملغي بالنسبة لها. وجدت أن طموحها يعانق السماء و من يصل إلى السماء إلا بمعجزة , أردت أن أثبت لها أني أستطيع التربح و لكنني لا أضيع فني ببضعة قروش و هكذا أتيت على أجمل لوحاتي لأبيعها بثمن بخس , رزمتين كل رزمة بألف , وضعت النقود على طاولة الصالة و أنا في قمة الغم , كان إحساسي كمن فرط في عرضه , نظرت إلى الرزمتين والتمعت عيناها ببريق لم أر مثله و التقطتهما لتضمهما إلى صدرها, ظننت أنها سوف ترضعهما من ثديها حتى يكثرا و ابتسمت ابتسامة دافئة شعرت أنها نوع من المجاملة ثم أضافت: الآن أنت زوجي بحق, هلم لبيع المزيد , دعنا نعيش يا رجل . حصلت على مكافأتي من حسن المعاملة إلى أن نفذت الألفين فإذا بها تعود كما كانت مع طلب آمر مصر أن أبيع المزيد. أخبرتها أن ناقدا أرسل إلي رسالة يطلب فيها مشاهدة لوحاتي و أني أعطيته ميعادا بعد يومين و اسمه كرم , ردت و الغبطة تملؤها: كرم أو عفريت المهم أن تبيع باقي اللوحات بمساعدة كرم أو بمساعدة الشيطان لا يهم . في يوم الزيارة أخبرتني أنها ذاهبة لزيارة أبيها في كفر الشيخ و أوصت ألف وصية بالإسراع في البيع حيث أن اللوحات كادت أن تخنقها في المنزل و آخر تعليماتها أنه في حالة التوفيق علي أن أهاتفها لتعود فورا. رن جرس الباب رنينا متقطعا و ما أن فتحت حتى وجدت أمامي امرأة عريضة الأنوثة ترتدي البنطال الجينز و القميص ذو المربعات الصفراء و اللبنية و ترسل شعرها الناعم حرا , نظرت إليها نظرة استفسار فعرفتني بنفسها: كرم محمود , أجبت مترددا متلعثما من شدة المفاجأة : كنت أظن ........ أجابت ضاحكة بسرعة: أنا لا أظن. أدخلتها و أجلستها بالصالة و بعد التحية أخذت تتحدث عن الفن و أسهبت في شرح أسلوبي و كيف أنها رأت الصور على الشبكة العنكبوتية و أصرت أن تراها على الطبيعة. و أدخلتها غرفة المرسم و ما أن رأتها حتى أخذت تتمتم مذهل ...... مذهل , رأيت عينيها تلتمع ببريق هو أقرب للشهوة هو أقرب للحياة, رأيتها تذهب في عوالم مختلفة و تغيب لتعود فتغيب , انتقلت العدوى إلي أنا الآخر فلم أشعر بنفسي إلا و سرير المرسم يجمعنا , لم يكن سهلا التمييز بين الحقيقة و الحلم , لم يكن سهلا أن أميز بين جسدي و جسدها, في الصباح ودعتني إذ أن عليها اللحاق بالقطار. أمسكت يدها قائلا: أنت زوجتي. أجابت: دون إلزام. أجبتها و كأنني أخشى أن أفقدها:لقد اخترت. أجابتني و مسحة الحزن على وجهها : و أنا اخترت. حررت يدها من يدي بلطف و تابعتها عيناي مودعة, نظرت إلي بملئ الحياة قائلة: أراك قريبا. أجبت و النار تخرج من وجهي و صدري: لابد و أن يحدث. بعد خروجها خلعت ملابسي و جلست أدخن و رائحة جسدها مازالت تعطر أنفي.
في المساء عادت زوجتي تسأل متهكمة: ها ........ سبع أم ضبع ...... تقريبا ضبع. أجبت شاردا: حيا
- ماذا حدث إذن , ماذا قال لك كرم هذا؟
- أعجب بلوحاتي كثيرا.
- يا فرحتي ....... و بعدها . -أبدا ...... لم يحدث شيئا أبدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق