الاثنين، 29 مارس 2010

أحمق

أحمق
يسميني أصدقائي ذو الفرشاة المسحورة و البعض ذو الأصابع الذهبية , لم أكن أدري أن حياة الفنان تنتهي بزواجه خصوصا ......... . بعد أن أقضي اليالي في رسم اللوحة أشير إليها بفخر و أسألها عن رأيها فتنظر نظرة جامدة تتعمد أن تجعلها روتينية و تقول بلا اهتمام : نعم , جميلة جدا, أنظر إليها خائب الرجاء و قمة الحنق , ساعتها أدرك لماذا انتهت حياتي باكرا , اعتزلت المسابقات و المعارض منذ زمن برغم الجوائز التي كنت أحصدها فقد أدركت أن الأمعاء الخاوية لا تتذوق الفن , تودعني بقائمة طلبات مصاحبة ببرود اعتدت عليه فأنا خادمها المطيع و عبد أولادها , حالتي متيسرة و هي ليست جميلة أساسا و لا تفوقني بشئ بالمرة فلماذا تستعبدني هكذا؟ و لماذا أرضى بذلك, و أنا أعبئ سيارتي بالطلبات أفكر في صديقي الكاتب المأفون ذو الحظ العسر دائما فهو من فقر إلى فقر, كلما طرق بابا للرزق سد في وجهه سريعا , تزوج من امرأة عاشقة للمطبخ أما الفن فهذا أبعد شئ عن خيالها , طالما رجاها أن تقرأ شيئا من كتاباته فتأبى بترفع و أنفة مذهلين و كأنه يأخذها للمزبلة ثم تلمزه بكلمتين عن طلبات المنزل و مصروف الأولاد فتخرسه حتى داخل نفسه. بعد الشراء تقابلنا في المقهى كعادتنا:
- متى ستغير زوجتك؟
- عندما أجد نسمة.
- هل تعرف واحدة بهذا الاسم.
- لا
- هل تقصد نسمة حرية؟
- لا.
- إذا أنت كاتب مخبول.
- ربما كنت كذلك.
- أتدري بماذا أشعر و أنا أراك تسعى و لا تكل و رغم أنني أغنى منك؟ إنك تشعرني بخيبتي رغم أني أراك مدع لا أكثر , تبدأ ثم سريعا ما تنسحب لتبدأ و كأن تكرار الإقدام و الإحجام يطربك و يشجيك .
- قد لا يكون الأمر هكذا بالضبط , ربما هي الصعوبات و لا تنسى أنك مستسلم تماما لقدرك و لن أسألك متى ستغير زوجتك فأنت لن تفعل و حتى لو فكرت لن أصدقك.
- جلستك أصبحت مملة , دعنا نغير الموضوع.
- اسمح لي بالرحيل فقد جاءتني فكرة جديدة.
- أنت تكتب بلا طائل.
- أنا أنشر في صديقتي العنكبوتية مثلك تماما.
- أنا لوحاتي ماثلة للعيان , واقعا يتحدى.
- و كذلك كتاباتي.
ما الذي فعلته يا أبي ؟ لقد زججت بي في زيجة مع ذلك الأحمق المخبول في رابطة لا فكاك منها, قال ذو الفرشاة المسحورة !!! لعنة الله عليه و على فرشاته, إنه يظن نفسه متفوقا علي بتلك الخربشات التي يرسمها, أتحدى أن أي طفل يستطيع أن يفعل أفضل من ذلك و ما هؤلاء الحمقى من حوله و الذين يمجدونه و يبجلونه و كأنه عبقري الزمان , إنهم مجموعة يعيشون الخيال و لا ينتمون إلى عالمنا بأي شكل من الأشكال, أنا أمقته و أمقتهم جميعا و هو لن يهزمني بأي حال , سأنتهي من تنظيف الحمام و أسبقه إلى الفراش قبل أن يحضر و إن لم أنم سأتصنع النوم.

يا لها من صينية محشو باذنجان, أكاد أجن من منظرها, هيه ....... سامحك الله يا أبي زججت بي في مقبرة ذلك التافه الأحمق تماما , إنه مدع لا أكثر , يطير فرحا كلما زاد قراءه على الملعونة العنكبوتية و التي لولاها ما جرؤ أن يرفع رأسه و لا أن يواجه عيني و لكن لا ... سأستمر في مداورته , لن أجعله يهنأ باعتراف مني , أيريد هذا المفلس أن يشعر بالتفوق؟ لن ينالها و لو بعد ألف عام و ما الذي يجعله هكذا فخورا بنفسه , إنه يعطيني مصروفا لا يكفي لعشرة أيام من الشهر, بيني و بين نفسي ما أسعدني عندما يلتحق بعمل ثم سرعان ما يهوي فيجلس كسيرا أسير أوراقه ليكتب خزعبلات لا أكثر و يمتدحه المخابيل أمثاله, دعوني أقول لكم أيها المخابيل أنه لم يجدد شيئا في البيت منذ زواجنا و لم يدخل علي و في يده قطعة من الحلي الذهبي أو حتى زجاجة عطر كما يفعل الرجال المحترمون, سأنتهي من العشاء و أسبقه إلى الفراش قبل أن يحضر و إن لم أنم سأتصنع النوم.

ماذا أكتب ؟ لا أدري ماذا أكتب و لكن أشعر أنني أحاول شيئا , ربما هو جدل مع نفسي بين أفكاري.... بين أعماقي المختلفة و مستويات وعيي العديدة المتجددة, أشعر أن كل قصة أكتبها هي صديقتي محبوبتي معشوقتي, بنات أفكاري تتلاعب و تتراقص على الأوراق لتصنع نغما نشازا بعض الشئ و لا شك أنه جديد غريب, نحن نقرأ على العنكبوتية لبعضنا البعض فالغالبية يكرهون القراءة و ما حاجتهم إليها هذه الأيام, كيف بدأت حياتي لتنتهي قبل أن تبدأ لتبدأ من جديد و كأنني في رحلة بحث عن التجدد, العنكبوتية احتضنتني لنكون معا قبيلة من الباحثين عن شئ ما مهما اختلف فهو في النهاية واحد, ما الفرق بيني و بين صديقي الرسام إنه يبحث عن اعتراف و إن حصل عليه فلن يشبع , يريد تأكيدا فتأكيدا فتأكيد أما أنا فقد اعترف بي أصدقائي و هذا يكفي فما يهمني إن اعترفت هي أم لا , أريد أن نفرح معا, هو طلب غريب و ربما غير مفهوم - أن نفرح معا! و ربما نشقى معا لنفرح معا تارة أخرى فنذوق الفرحة بطعم مختلف.
- لماذا تتصل بي في عز الظهيرة يا أحمق؟
- لقد وجدت نسمة.
- نسمة حرية؟
- بل نسمة الحقيقية.
- ما اسمها؟
- نسمة يا أحمق.
- هل صوبت نحو واحدة اسمها نسمة؟
- بل وجدت نسمة. - يا لك من أحمق.

بريق عينين

بريق عينين
ريشتي ,خوفي,إحباطي,ترددي,شكوكي,وحدتي,يأسي,انكساري, معا يصنعون فني, ليس ذنبي أن ولدت فقيرا و عشت كذلك, دبرت مصاريف زواجي بشق الأنفس, اخترتها ريفية بسيطة متعلمة تتناسب مع حالتي, أيام الخطبة استحسنت هوايتي و لكنها بعد زواجنا أخبرتني بخطأ حساباتها إذ كانت تعتقد أني سأعمل باللوحات التجارية و تقليد اللوحات المشهورة كي أدر دخلا إضافيا و لكنها فوجئت أن لوحاتي مثل أولادي لا أفرط فيها بثمن بخس , تغيرت نظرتها تدريجيا إلى أن صرفت نظر, أنا غير موجود إلا لغرض ما , فيما عدا ذلك فأنا ملغي بالنسبة لها. وجدت أن طموحها يعانق السماء و من يصل إلى السماء إلا بمعجزة , أردت أن أثبت لها أني أستطيع التربح و لكنني لا أضيع فني ببضعة قروش و هكذا أتيت على أجمل لوحاتي لأبيعها بثمن بخس , رزمتين كل رزمة بألف , وضعت النقود على طاولة الصالة و أنا في قمة الغم , كان إحساسي كمن فرط في عرضه , نظرت إلى الرزمتين والتمعت عيناها ببريق لم أر مثله و التقطتهما لتضمهما إلى صدرها, ظننت أنها سوف ترضعهما من ثديها حتى يكثرا و ابتسمت ابتسامة دافئة شعرت أنها نوع من المجاملة ثم أضافت: الآن أنت زوجي بحق, هلم لبيع المزيد , دعنا نعيش يا رجل . حصلت على مكافأتي من حسن المعاملة إلى أن نفذت الألفين فإذا بها تعود كما كانت مع طلب آمر مصر أن أبيع المزيد. أخبرتها أن ناقدا أرسل إلي رسالة يطلب فيها مشاهدة لوحاتي و أني أعطيته ميعادا بعد يومين و اسمه كرم , ردت و الغبطة تملؤها: كرم أو عفريت المهم أن تبيع باقي اللوحات بمساعدة كرم أو بمساعدة الشيطان لا يهم . في يوم الزيارة أخبرتني أنها ذاهبة لزيارة أبيها في كفر الشيخ و أوصت ألف وصية بالإسراع في البيع حيث أن اللوحات كادت أن تخنقها في المنزل و آخر تعليماتها أنه في حالة التوفيق علي أن أهاتفها لتعود فورا. رن جرس الباب رنينا متقطعا و ما أن فتحت حتى وجدت أمامي امرأة عريضة الأنوثة ترتدي البنطال الجينز و القميص ذو المربعات الصفراء و اللبنية و ترسل شعرها الناعم حرا , نظرت إليها نظرة استفسار فعرفتني بنفسها: كرم محمود , أجبت مترددا متلعثما من شدة المفاجأة : كنت أظن ........ أجابت ضاحكة بسرعة: أنا لا أظن. أدخلتها و أجلستها بالصالة و بعد التحية أخذت تتحدث عن الفن و أسهبت في شرح أسلوبي و كيف أنها رأت الصور على الشبكة العنكبوتية و أصرت أن تراها على الطبيعة. و أدخلتها غرفة المرسم و ما أن رأتها حتى أخذت تتمتم مذهل ...... مذهل , رأيت عينيها تلتمع ببريق هو أقرب للشهوة هو أقرب للحياة, رأيتها تذهب في عوالم مختلفة و تغيب لتعود فتغيب , انتقلت العدوى إلي أنا الآخر فلم أشعر بنفسي إلا و سرير المرسم يجمعنا , لم يكن سهلا التمييز بين الحقيقة و الحلم , لم يكن سهلا أن أميز بين جسدي و جسدها, في الصباح ودعتني إذ أن عليها اللحاق بالقطار. أمسكت يدها قائلا: أنت زوجتي. أجابت: دون إلزام. أجبتها و كأنني أخشى أن أفقدها:لقد اخترت. أجابتني و مسحة الحزن على وجهها : و أنا اخترت. حررت يدها من يدي بلطف و تابعتها عيناي مودعة, نظرت إلي بملئ الحياة قائلة: أراك قريبا. أجبت و النار تخرج من وجهي و صدري: لابد و أن يحدث. بعد خروجها خلعت ملابسي و جلست أدخن و رائحة جسدها مازالت تعطر أنفي.
في المساء عادت زوجتي تسأل متهكمة: ها ........ سبع أم ضبع ...... تقريبا ضبع. أجبت شاردا: حيا
- ماذا حدث إذن , ماذا قال لك كرم هذا؟
- أعجب بلوحاتي كثيرا.
- يا فرحتي ....... و بعدها . -أبدا ...... لم يحدث شيئا أبدا.

الصرخة

الصرخة

قامت ثورة ميمونة في تلك الدولة العربية أيدتها أغلب طوائف الشعب فقد كانوا يأملون أن تحقق أحلامهم . و لما استتب الأمر لقائد الثورة و أصبح رئيسا للدولة خرج على شعبها بخطاب حماسي هاجم فيه الزناة أكلة الخنزير و عابدي البقر و الأصنام و أعلن الغزو الحضاري على العالم على أن تتم إبادة الرافضين بعد نجاح هذا الغزو . و في حادثة غير مسبوقة اجتمع زعماء الدول الكبرى و قرروا فيما بينهم جعل تلك الدولة مثلا و عبرة لكافة دول العالم و قرروا اجتماعا عاجلا لزعماء العالم لبحث القضية خارج مظلة الأمم المتحدة , بسرعة حضر الزعماء سواء بالضغط أو بإرادتهم . أحس مجلس قيادة الثورة بالخطر فتوجهوا إلى السفارة الأمريكية لمقابلة السفير و الذي قابلهم برحابة و عرضوا عليه أن يقابل قائد الثورة زعماء الدول الكبرى و يقدم اعتذارا رسميا أو أن يخرج بخطاب اعتذار لكافة دول العالم و انبرى عضو شجاع من المجلس برأي ثالث ألا و هو إقصاء قائد الثورة عن الحكم أو حتى محاكمته محاكمة عادلة , ابتسم السفير و بعد أن شرح لهم كم يحب بلدهم قال أنه قد آن الأوان لكي يتحرك العالم أجمع نحو نظرة أكثر واقعية و موضوعية و أخبرهم أنه لا فرق عندهم بين قائد و آخر و الموضوع هو تغيير مسار فكر العالم لذا وجبت التضحية بدولتهم , حاول أعضاء المجلس تهديده بمصالح دولته معهم فأخبرهم بابتسامة واثقة أنهم سيحصلون على مصالحهم برضاهم أو بغير رضاهم . عاد أعضاء المجلس إلى المقر حيث كان قائد الثورة في انتظارهم و جلس الجميع ينتظرون قرار زعماء العالم و الذي قرر إعلان الحرب على تلك الدولة بإجماع دول العالم و حظر التصدير و الاستيراد منها و منع دخول أي من مواطنيها إلى بلادهم و أكد البيان الختامي أن قائد الثورة لا يعنيهم تحديدا و لكن القرار صدر من أجل عالم حر. و قد أخبر زعماء الدول الكبرى زعماء العالم على هامش المؤتمر أن أجهزة المخابرات ستراقب تنفيذ الاتفاق بكل دقة و من يثبت مخالفته ستوضع دولته في خندق واحد مع الدولة المحاصرة . بعد الصياح و تبادل الاتهامات داخل مجلس قيادة الثورة أدرك الجميع أن ما حدث لن يتغير بإقصاء فرد أو المجلس كله و أن المسألة و كأنها كانت مرتبة أو منتظرة ليحدث ما حدث , طلب الرئيس حلولا واقعية لتحمل الحصار و عدم استفزاز أى دولة إلى أن يأتي الله بالفرج. حاول المهربون الاستفادة من الوضع فكانت السماء تنشق عن الطائرت لتسوى كل شيئ بالتراب فعلموا أن الوضع ميئوس منه . دخل وزير التعليم بهو القصر الفخم مهرولا ليخبر الرئيس أن الأقلام و المحايات و الأدوات المكتبية صينية الصنع بالكاد تكفي لعام دراسي واحد , سأله الرئيس إن كانت لديه حلول فزاغت عيناه و أخذ يتمتم بكلام غير مفهوم و لما استوضحه الرئيس أجاب بأن ليس لديه حل ثم تلاه وزير الدفاع و الذي أخبره بمواعيد تعطل الأسلحة بكل دقة بدءا من سلاح الجو إلى الأسلحة البرية كما عرض عليه خطة لإطالة أمد الأسلحة بعد انتهاء قطع الغيار ألا وهي تفكيك الأسلحة المعطوبة و استغلالها قطعا للغيار , لم يكن الرئيس متحمسا و لكنه اعتمد الخطة

2
معلقا أن العالم كله ضدنا. دخل وزير الصحة بخطوته الرشيقة و أناقته المعهودة ليخبر الرئيس بأن الأدوية ستنفذ خلال ستة أشهر على الأكثر بما في ذلك عقاقير و مستلزمات منع الحمل مما سيغير التركيبة السكانية للبلاد محذرا من تفشي الأوبئة و عندما استفسر عن حل أجاب الوزير بثقة أنهم سيحاولون إيجاد بديل . أثناء ذلك كانت الحركة بالدولة غير عادية إذ كانت الطائرات و السفن و الحافلات تلقي برعايا الدولة على أرضها كما تلقى أكياس القمامة بينما تستعد الهيئات الدبلوماسية و رعاياها للانسحاب بالكامل , كانت التقارير تتوافد على الرئيس أولا بأول بينما كانت توجيهاته هي رفع معنويات الشعب و في الحال انطلقت الشائعات بأن المسألة وقتية لن تتجاوز عاما بينما كان رجال الدين و بدون توجيه يصبون اللعنات على أمريكا و شركائها . خرج القائد على الشعب بخطاب حماسي آخر و لكن بدون سب أو غزو يخبر شعبه عن الإرادة و الصمود في وجه أعداء الحرية و أعداء الشعب . هدأت الأمور قليلا فطلب الرئيس تقاريرا عن مواعيد توقف وسائل المواصلات و انهيار القطاعات المختلفة أهمها الدواء و التعليم و انهالت التقارير فورا فقد كانت جاهزة , فوجئ الرئيس أننا لا نصنع ماكينات لتصنيع ماكينات الإنتاج و لا قطع غيارها كما فوجئ أننا لا نصنع كيماويات تصنيع الدواء و عليه فإن أول ما سينهار قطاع الدواء تليه باقي القطاعات في مراحل زمنية محسوبة بكل دقة بما في ذلك مواد البناء و المنسوجات . كان الناس يتساءلون عن المسئول و زادت صيحات الغضب في الشارع و على الفور تم تقديم عضو مجلس قيادة الثورة الشجاع -صاحب اقتراح تقديم القائد لمحاكمة عادلة- للمحاكمة بتهم متعددة منها التآمر على الدولة و محاولة قلب نظام الحكم و إفساد العلاقات الدولية و محاولة اغتيال رئيس الدولة و بسرعة تم إعدامه لتسري الشائعات بأن الفرج سيأتي قريبا مادام الخائن قد أعدم و أنه من المؤكد أن الدول الكبرى ستعيد النظر في الحصار و هكذا سرت الأفراح بين جموع الشعب و خفت حدة الغضب .بدأت القطاعات في الانهيار يوما بعد يوم و حذا الشعب حذو الحكومة في تفكيك السيارات المعطوبة لعملها قطعا للغيار و أصبح راكب السيارة هو شديد الثراء فقط , أصبحت الشوارع أقل ازدحاما بالسيارات شيئا فشيئا مع ظهور عربات تجرها الخيول و راكبي الحمار و البغل و الحصان و كان الرئيس يمازح أعضاء مجلس قيادة الثورة بنفس كسيرة عن منافع الحصار فيردون بابتسامة صفراء .كان محمود و حنا يجلسان على أريكة حجرية أمام البحر يتساءلان عن مصير البلاد و مصيرهما و أولادهما من بعدهما فبينما كان محمود يصب اللعنات على رأس أمريكا و دول الغرب كان حنا متحفظا و عنده أمل أن أمريكا لن تكمل ما بدأته و لن تتركهم هكذا و قاطعه محمود موضحا مدى شراسة العقوبة الجماعية و التي طبقت على شعب بأكمله من أجل خطئ أحمق أخطأه قائده بينما كان حنا يحدوه الأمل في العين الرحيمة للدول الكبرى و اخبره أنه لن يتزوج حتى يأتي الله بالفرج و لكنه أشار على محمود على سبيل الاحتياط الاحتفاظ بما يستطيع من مظاهر الحضارة حتى ينير عقل أبناءه إذا ما قرر أن يتزوج و أنه هو

3
أيضا سيبدأ بجمع ما يستطيع داخل المنزل , أشار حنا بيده ناحية الميناء قائلا: محزن منظر السفن الواقفة كقطع من الحديد الصدئ ها هي تنتظر مثلنا إلى ما لا نهاية.
دخل وزير التعليم القصر و في يده لوح من الاردواز الأسود و قطعة من الطباشير ليشرح للرئيس عمليا حل مشكلة اختفاء الأوراق و الأقلام و قد تظاهر الرئيس بالإعجاب بالفكرة . بعد أن تفشت الأوبئة في الدولة و لا دواء يذكر دخل وزير الصحة القصر و في يده مجموعة من الكتب عن العلاج بالأعشاب و أخبر الرئيس بأن طلبة كلية الطب سيقومون بنسخ الكتب لتأخذ دراسة الطب منعطفا جديدا و ذّكر الرئيس بعينين مبلبلتين أن العلاج بالأعشاب كان آخر صيحة قبل الحصار أما بالنسبة لعقاقير التخدير فلا يوجد حل قريب لذا ستكون الجراحات مؤلمة قليلا , أخذ طب الأعشاب في الازدهار الآفة الوحيدة أن العطارين و المدعين كانوا يزاحمون الأطباء في أرزاقهم و لم تستطع الدولة وقفهم بينما اتخذت الدولة موقفا متشددا من المشعوذين و الذين انتشروا بشكل مضطرد. في منزل حنا جلس محمود و زوجته يباركان مولوده الأول فقد اضطر للزواج بعد أن فقد الأمل في فض الحصار , سأله محمود عن اسم المولود السعيد فأجاب زخاري و تعجب محمود و لكن حنا أخبره أننا نعود إلى الوراء و وجدها محمود فكرة جيدة فقرر أن يسمي مولوده القادم عبدون و أشار حنا على محمود بالاكثار من النسل ففي تلك الأيام الصعبة يعتبر الاكثار رسالة. على نفس المقعد الحجري و قد تآكل جلس كل من محمود و حنا ينعيان حظ أولادهما بينما كان عبدون و زخاري يلعبان حولهما و أشار حنا إلى الميناء الخالي من السفن و قال أن الحكومة سلمت بالأمر الواقع حيث سحبت السفن لتغرق في عرض البحر و ابتسم محمود قائلا و رضيت أنت قبل أن ترضى الحكومة و كذلك أنا , اقترح حنا على محمود تعليم أولاده حرفة تدر طعاما كرعي الغنم مثلا و استهجن محمود الفكرة و أخبره أن المسألة لم تبلغ هذا الحد ........ ليس بعد. دخل وزير الداخلية قصر الرئاسة و بثقته المعهودة عرض على الرئيس خطته بتحويل سلاح الجنود إلى الجيش في مقابل استبدالها بهراوات و سيوف و رماح و سهام و الإبقاء على أسلحة الضباط للمهام الصعبة على أن تتم الخطة خلال ثلاث سنوات يتم خلالها تدريب الجنود على فنون المبارزة و استخدام الرمح و القوس, تعجب الحاضرون من جرأته و ثار المتبقي من أعضاء مجلس قيادة الثورة و اتهموا الوزير بأنه سيجعل من الدولة أضحوكة بينما لم يجد وزير الدفاع الذكي غضاضة في ذلك و قال بأن نقص الذخيرة المضطرد سيجعل من السلاح قطعا من الحديد لا قيمة لها و ذكرهم بأن الحصار قد مر عليه ثلاثون عاما و لا بوادر لحل و وجدها وزير الكهرباء فرصة ليعرض خطته بتخفيض عدد ساعات الإضاءة للمرة السابعة عشر نظرا لأعطال محطات توليد الطاقة مع نقص الوقود مما أدى لخروج الأمر عن السيطرة على الفور اعتمد الرئيس الخطتين و أقنع أعضاء مجلس قيادة الثورة بالنظر أبعد ثم أضاف أنه لا يستبعد غزوا قريبا للبلاد و انفجر أحد أعضاء المجلس بالضحك و لكنه سرعان ما اعتذر بأنه تذكر نكتة , نظر إليه القائد شزرا فأصبح الرجل متوجسا من مصيره . ظهرت أنوال النسيج اليدوي و التي تصنع محليا لتعويض إنتاج مصانع النسيج
4
المتوقفة و ازدهرت صناعة الشموع و مصابيح الكيروسين و الزيت و اختفت تماما أجهزة الرفاهية أما الإذاعة أصبحت تبث لمدة ساعة واحدة و الجريدة أصبحت صفحة واحدة تطبع يدويا و قل عدد النسخ و بدا الناس أكثر سعادة بالجريدة التي تحوي ما قل و دل. الآن و بعد ثلاثين سنة تمر على البيوت المهدمة فتجد محلها الخرائب و التي لا يجد أصحابها الخامات لإعادة بنائها و اقترح وزير الإسكان بناء بيوتا بالخشب و الحجارة و ما أن صدر القرار حتى خالفه بعض أفراد الشعب الخبثاء و بنوا بيوتا بالطين و الطوب اللبن و بدأت الدولة بالمقاومة و أخيرا استسلمت لإرادة الشعب . ثلاثون عاما مضت أنجب خلالها حنا و محمود الكثيرين و توفى لهما الكثيرون . توفى حنا بحمى مفاجئة قضت عليه في ثلاثة أيام و قد اشتبه الأطباء في الملاريا و بعدها بعامين توفي محمود في وباء الكوليرا و الذي حصد الكثيرين. في الذكرى الأربعين لقيام الثورة بدت الأسلحة بصورة مزرية و تعطلت الكثير من المركبات عندها أمر الرئيس بإلغاء العروض العسكرية و التي أصبحت مثار سخرية الشعب. عادت القرى إلى السكون و الهجوع و الظلام و السلام فقد حرمت قرى كثيرة من الكهرباء و التي حولت للمدن , و تفشت البلهارسيا مجددا و أصبح القئ الدموي ظاهرة ليس لها علاج. اشتركت المدينة و القرية في غطاء الرأس حيث يمشي الناس مسافات طويلة تحت لهيب الشمس الحارق والجلباب المحاك يدويا كما أصبحت البيوت خليطا من الخشب و الحجر و الطين كل حسب قدرته و انقطعت الاتصالات الهاتفية تقريبا إلا من المصالح الهامة و أصبح السفر بالقطاات نادرا حتى عجلات العربات التي تجرها الخيول أصبحت من الخشب الخالص دون كاوتشوك . على نفس المقعد الحجري جلس عبدون و زخاري أمام البحر حيث أخبر زخاري عبدون أنه يفكر في الانتقال للعاصمة حيث تجارة العطارة أكثر ازدهارا بينما أخبره عبدون أنه ليس هناك فرق بالنسبة له و أنه قانع بما يأتيه من ممارسة الطب و أنه قد وعي الدرس جيدا لذا فإنه سيعلم بعض أبناءه رعي الغنم و صناعة السروج و الألجمة ليبدأ مشروعا بما يوفره مما تدره مهنة الطب و ترحم على أبيه و الذي احتفظ له ببعض الكبسولات و الأمبولات و الحقن ليعلمه كيف كانت مهنة الطب قبل الحصار . على فراش الموت وقف الوزراء حول رئيسهم و من تبقى من أعضاء مجلس قيادة الثورة و الأطباء و أخذ الرئيس يسب و يلعن في الأوغاد و الذين حولوا الخمسين عاما من حكمه كابوسا حقيقيا حيث جعلوا كل شئ ينهار أمامه و هو لم يستطع أن يفعل شيئا أو يهنأ بشئ فلم يمتعوه بسفر أو سياحة أو منتجع و كم كان يحلم بأن يرى سويسرا و لم يحدث و أخذ يلعن الثورة و من قاموا بها و أن أفدح خسارته كانت تلك الثورة الملعونة , أخذ الحاضرون يهونون عليه بينما كانوا يستعجلون الثواني و الدقائق للانتهاء من تلك المراسم السخيفة و التي يقضونها وقوفا و ما أن أعلن الأطباء وفاته حتى ساد جو من الارتياح . تأخر الخبر أياما إلى أن عم أنحاء البلاد و أخطر الشعب باسم رئيسه الجديد .حاول الرئيس الجديد بذل المساعي لفك الحصار و لم تفلح خطاباته و التي أرسلت عبر الحدود للدول المجاورة لإرسالها إلى

5
دول العالم في عمل شئ, اجتمع الرئيس بالوزراء ليخبرهم أن الوضع قائم لن يتغير و قام بدمج بعض الوزرات و التي أصبحت بلا فائدة لتوفير النفقات , خرج الرئيس الجديد على الشعب بخطاب في المتبقي من أجهزة المذياع ليخبرهم أنه تسلم البلاد في حالة مزرية و أنه سيحاول بكل جهده رفع المعاناة و التطوير بينما كان يحمد الله في قرارة نفسه أنه تسلمها خربة إذ لا يمكن أن تخرب أكثر من ذلك و لكن الواقع شئ آخر فقد توقفت القطارات تماما و أصبح السفر بعربات تجرها الخيول كما انتهت المسحة الباقية من الحضارة أما الناس فيبدوا أنهم أصبحوا سعداء بذلك الإيقاع البطئ الجميل و عاد الشعر و القوافي للظهور كما عاد السمر و السهر و زاد التدين بصورة أكثر بساطة و ربما عمقا , أصبح الناس يسمعون الحكايات و السير و أحاديث عن الأمجاد و البطولات و الشهامة و الكرامة حقيقية و خيالية , حكم الرجل بإخلاص و شوهد كثيرا خارج القصر يسير على غير هدى يفكر و يهذي و أحيانا يتفقد أحوال الرعية و كلما كان يطلب العون من الوزراء لإيجاد حلا يبتسمون ابتسامة بلهاء و يقولون الحل عند سيادتكم. أثناء زيارة زخاري لمسقط رأسه و قع هشام ابن عبدون في حب ليلى ابنة زخاري و وافق زخاري على زواجهما , ظن الناس أن زخاري قد جن و عندما حدثوه في الأمر قال أنه اشترط على هشام أن تبقى على دينها و طالما حافظت على دينها سوف تتقدس روحه و روح أبناءه بروحها و تتنزل الرحمات عليهم جميعا و انتقل هشام مع حماه إلى العاصمة ليساعده في شئون تجارته . دأب رجال الدين على معايرة الناس و اتهامهم أنهم السبب في الحصار بظلمهم و كفرهم و خراب ذممهم و معاصيهم فسرعان ما ينسى الناس الحقائق . و على فراش الموت حمد الرئيس ربه أنه سيرتاح من تلك الوجوه النكدة و الأمخاخ الخشبية بعد معاناة دامت أربعين عاما و مازال الوزراء يحافظون على ابتساماتهم البلهاء حتى تلك اللحظة . استقبل الشعب الخبر بلامبالاة و لم يهتم الكثيرون بمعرفة اسم الرئيس الجديد ليلتها و لدت ليلى ولدا قسيما أسموه سمحان .تسلم الحكم رجلا قويا ذكيا ادعى قدرته على فك الحصار و مازال الوزراء يبتسمون, أخذ الرجل يحصر موارد الدولة و يعيد توزيعها و حاول أن يشيع جوا من العدل و الطمأنينة بين الناس فمنع الشرطة من جلد الناس بالسياط و ضربهم بالهراوات دونما مبرر قوي كما أمر بجمع الصناع المهرة و أصحاب الابتكارات و المبدعين و توطينهم بالعاصمة ليكونوا تحت رعايته المباشرة و قرب العلماء و الحكماء على حساب الوزراء و الذي سرح بعضهم و خفض مستحقات الباقين من الأغنام و الماعز و الإبل , لم يرض الوزراء عن طريقة حكمه و انقلبت الابتسامات البلهاء إلى عبوس , سرح الرجل عددا كبيرا من الحراسات و العسس و البصاصين فقد شعر أن الشعب يريده . بعد انقضاء العام المائة على الحصار و العاشر لحكمه طلبت أمريكا و معها الدول الكبرى رسميا من الرئيس دخول الوفود لتفقد أحوال البلاد و على الفور وافق الرجل فقد علم أن هذه بوادر لانفراج الأزمة , جابت الوفود البلاد من شرقها لغربها و من شمالها لجنوبها يصورون و يناقشون الناس و قضوا في البلاد عامين كاملين من التسجيل الدقيق ثم

6
انصرفوا و بعد ثلاثة أشهر أخطر الرئيس برغبة الرئيس الأمريكي في زيارة البلاد و وافق الرجل على الفور و أعدت العدة للزيارة و لكن نظرا لحالة المطار المزرية هبطت طائرة الرئيس في دولة مجاورة انتقل منها إلى حاملة طائرات و طارت طائرته مع اثنى عشرة طائرة مروحية لتهبط تباعا في المطار في منظر يذكر بعمليات الإبرار الجوي , كان الرئيس الأمريكي يحمل معه كل ما يحتاجه و تم نصب خيمتان في القصر الجمهوري باللونين الأحمر و الأبيض تقدمان شطائر الهامبورجر و الدجاج المقلي و المياه الغازية للرئيس و كبار رجال الدولة و الذين أعجبوا بما رأوه أشد الإعجاب و خاصة مشاهدة القنوات العالمية على التلفاز و بعد الاحتفالات وجه الرئيس الأمريكي كلامه لرئيس الدولة قائلا: لعلكم لا تريدون غزو أحد الآن بحضارتكم تلك.
رد الرئيس: سيدي الرئيس نحن شعب مسالم نريد فقط أن نعيش في سلام و أن نلحق بما فاتنا.
- إن أثبتم حسن النية فسوف نساعدكم.
- سيدي الرئيس حسن النية متوفر لأقصى درجة و نحن رهن إشارتكم.
- إذن أخطر شعبكم بخطاب سألقيه باكرا عليهم.و على الفور صدرت الأوامر بإعلام الناس بشتى الوسائل و بمنتهى السرعة و حشد الجموع أمام القصر ملوحين بالأعلام البيضاء مع الأعلام الأمريكية . في الصباح تجمع الناس بجلابيبهم الزاهية ملوحين بالأعلام و اشتعلت الحناجر هاتفة تحية للضيف. يومها توفي سمحان في ظروف غامضة و كانت جنازة مهيبة اشترك فيها أخواله مع أعمامه ذات الوقت كان الرئيس الأمريكي يلقي خطابه بينما كان رئيس الدولة مبتسما شاردا ينظر إلى الأفق و قد التف الناس حول حطام أجهزة المذياع . دفنوه و عادوا فأطلقت ليلى صرخة مكتومة و وجدوا الناس في فرحة عارمة تنبئ بانتهاء الحصار فاستعد القوم.

مجرد فضول

من باب حب الاستطلاع سأل عن منزل الضابط المتوفى منذ عشرين عاما و على الفور خف أحد الرجال الجالسين على مقعد البواب خلفه متابعا إياه , عاد إلى المنزل مذعورا و حكى لزوجته و التي وبخته متسائلة و ما أدراك أن العمارة لا يقطنها رجل مهم , أخذ يتلفت يمينا و يسارا كلما خرج من بيته و من شدة الذعر ذهب إلى قسم الشرطة ليسلم نفسه بتهمة التداخل الأمني تشكك الضابط و استجوبه من أين أتيت بهذا التعبير و أقسم للضابط أنه ابتكره و عندما تأكد الضابط من صدقه قدم له سيجارة مستوردة و كوبا من الشاي و أكد له أن أي جهة تريده فلسوف تستدعيه و لكن كلام الضابط زاده خوفا و أخذ ينتظر أن تستدعيه الجهة و لم يحدث , عندما زاد الهلع ذهب إلى شيخ المسجد و الذي سأله عن نوع الصابون و الجيل الذي يستعمله و أين يدخر ماله و أخبره أن معيشته حرام في حرام , أفتاه أن يتبرع بماله لدورة مياه المسجد لأنه أقذر مكان في المسجد تتناسب مع أمواله القذرة و المدخرة بالبنك و كفارة إضافية حيث أن الصابون و الجيل بدهن الخنزير فعل ما قاله الشيخ ثم اختفى الشيخ فجأة مما زاده هلعا فالتقطه أفراد جماعة دينية و أخبروه أن لا الضابط و لا أبوه يملكان لأنفسهما من الله شيئا, ارتاح لهذا الكلام الطيب و بعد أربعة جلسات أخذوا يلقنونه ما سيقوله للضابط في الاستجواب و ألا ينسى أن يدعوه للانضمام للجماعة و أن يدعوا له عندما يطلق سراحه, من المسجد إلى المنزل اختفى مرتعدا تحت كل أغطية البيت , وضع أربعة مزاليج على الباب و كذلك علي الشبابيك, لم يأته أحدا للقبض عليه فذهب إلى القسم يسلم نفسه بتهمة التآمر على حياة ضابط و انضمام لجماعة محظورة و محاولة قلب نظام الحكم و تكدير الأمن العام و استجوبه ضابط القسم و اعتصره هذه المرة إلى أن اكتشف أن الضابط توفي منذ عشرين عاما و أن عمره وقتها كان أحد عشرة سنة قدم له نفس السيجارة و كوب الشاي و طمأنه بأن الجهة التي تريده سوف تستدعيه, يتلفت يمينا و يسارا كلما خرج من بيته و لكن كيف سيشاهد من يسير خلفه و هكذا قرر أن يسير ظهره لللأمام و وجهه للخلف حتى يكتشف من يراقبه و كانت قناعته أن على الجميع أن يسيروا هكذا و على الفور خيرته زوجته بين مستشفى الخانكه و العباسية فالماديات الآن لا تسمح و اختار العباسية لأن حدائقها تعجبه و فور دخوله المستشفى عاد إلى مشيته الطبيعية مما أثار فضول الطبيب الشاب و لما سأله أجابه : إننا هنا في مستشفى و ليس على المريض حرج