الاثنين، 3 أغسطس 2009

لا يوجد وقت (قصة)

دخلت محل فساتين السهرة لأسأل عن فستان أبيض , سألتني صاحبة المحل عن مقاييس الفتاة , قلت لها من أين لي أن أعرف , أنا أسأل عن الفستان و ستأتي هي للقياس و الانتقاء, قالت : لا تتعب نفسك طلبك ليس عندنا فلا يوجد وقت , نظرت إليها و هي تودعني بابتسامة لم أفهم معناها ثم توجهت إلى محل الملابس الرجالي و سألت صاحب المحل عن حلة سهرة سوداء , استقبلني بالترحاب و أخبرني أن مقاييس جسدي قد زادت عن آخر مرة رآني و لكنها ما زالت ممتازة لكنه أخبرني أن طلبي ليس عندهم و لا يوجد وقت و ودعني بنفس الابتسامة , بعدها توجهت للبنك لإيداع النقود طالما أن الطلب ليس موجودا الآن , قابلني الموظف بابتسامة مع الاعتذار بأنه لن يقبل الإيداع فلا يوجد وقت , تساءلت كيف و قد بقي على ميعاد الإغلاق ساعة كاملة ابتسم و قال : التعليمات هي التعليمات لا يوجد وقت , خرجت من البنك و قد جف حلقي فتوجهت إلى محل المرطبات و إذا به يعتذر بأنه لا يوجد ما يقدمه فلا يوجد وقت , خرجت من المحل مذهولا لأقابل فتاة أعرفها و لكنها لم تعرفني للوهلة الأولى , أخبرتها عن القصة في عجالة كما أخبرتها أني أشك في قواي العقلية فطمأنتني و قالت أنه فعلا لا يوجد وقت الآن و لكن ربما رأتني لاحقا , بعد أن افترقنا التفتت وراءها تودعني بابتسامة ودودة . سألت نفسي كيف لم تعرفني من اللحظة الأولى و نظرت لوجهي في مرآة إحدى السيارات الواقفة , دققت النظر و إذا بي ألحظ بأن شكلي قد اختلف و كأنني لم أنظر للمرآة من سنين عديدة قلت معها حق. كان الجوع قد عضني فذهبت إلى عم حسن البقال الطيب و طلبت منه بعض الطعام و الخبز , ابتسم قائلا آسف يا أستاذ ,قلت: لا تكمل يا عم حسن , لا يوجد وقت , اتسعت ابتسامته قائلا: صحيح يا أستاذ . توجهت إلى المنزل و أنا منهار تماما فلم أجد الأثاث و وجدت الفتاة التي قابلتها و قد كبلت ساقيها و ذراعيها إلى الكرسي الوحيد بمنتصف الصالة و قد وضع شريطا لاصقا على فمها رغم ذلك لم تكن خائفة و كانت عيناها تنظران إلي بنفس الود ، توافد إلى الصالة كل من أبي و أمي و إخوتي و أجدادي و أناس كثير لا أعرفهم منشدين بأصوات نشاز و بطبقات مختلفة تتعالى تدريجيا خيل إلي كأنها ترنيمة جنائزية : لا يوجد وقت , لا يوجد وقت , لا يوجد وقت .
إهداء: الصديق الفنان التشكيلي الدكتور رائف وصفي نتاج حركية تفاعل و رؤية.

هناك تعليقان (2):

  1. قصة بديعة ... تنساب في نعومه و يسر كالجدول الرقراق .. حتى هذا الغموض الخفيف الذي يشوبها لا ينتقص منها فهو من ذلك النوع الذي يضيف للعمل الفني و يزيده تألقا و بهاء

    ردحذف
  2. شكرا أرنوب على تعليقك و رؤيتك العميقة و تحليلك البديع .

    ردحذف