جاءت بصحبة صديقي , بيضاء فاتحة العينين , شابة, فتية ,
هادئة , وقورة , ترتدي حجابا ملتزما غاية في الحشمة و بعد تعارف سريع جلست
بوقار و أخذنا نحن الثلاثة نتحدث في مواضيع شتى و الواضح أنها مغرمة
بالسياسة , كنت محتارا مبلبل الأفكار , هل هذا مقلب من صديقي ؟ فالواضح أن
الفتاة خالية الذهن لماذا أتت , ما أن حل آذان الظهر حتى استخرجت فرشاة
الأسنان و المعجون من حقيبتها و استأذنت واقفة أن تغسل أسنانها كما طلبت
سجادة لصلاة الظهر , هنا تحول لوني إلى الأحمر خجلا تارة و أخرى صدمة و زاد
الأمر حدة عندما أخذت تسرد علينا فضل السواك قبل كل صلاة , نظرت إلى صديقي
فرأيته ثابتا , باردا , مبتسما و ما أن توارت تغسل أسنانها حتى أخذت أسبه و
ألعنه فما زاد أن ضحك و سأل : هل عندك سجادة؟ فأجبته : نعم , قال: إذا
هيئها , ماذا تنتظر؟ هنا زاد حنقي عليه و لكنه أضاف : هل أعددت الغداء
المطلوب؟ أجبت لحم كثير و أصناف فاخرة و لكن قل لي , من هذه؟ صمت برهة ,
حينها أتت أسماء متسائلة عن السجادة , فأشرت إلى الغرفة و نظرت إلى صديقي
معاتبا و لكنه ظل على ابتسامته الخالية من المعنى. أنهت صلاتها و رأيتها من
جانب تسبح و تدعو , جاءت إلى الصالة لنستكمل حديثنا السياسي الاجتماعي و
الفتاة تتحدث بلباقة و منطق سديدين حتى انسجمت مع منطقها فعلا و نسيت لماذا
أتت , قطع صديقي الحديث صائحا بمرح مصطنع : لقد جعنا , فأجبته الغداء معد و
قامت أسماء من فورها بخفة و تمكن لتعد المائدة و تحضر الطعام من المطبخ ,
تناولنا غداءا مرحا و قلت في نفسي لابد أنهما على علاقة حب ستنتهي بخطبة ,
أكملت غدائي مستسلما لذلك الخاطر و ما أن انتهينا من الغداء حتى قامت ترفع
الأطباق و تصنع لنا الشاي كاي ربة منزل متمرسة و استكملنا الحوار مع الشاي و
الدخان و كاختبار أبله مني عرضت عليها أن تدخن فرفضت بل و تغيرت ملامحها ,
بعد أن انتهينا من الشاي وجه صديقي حديثه لها بأنني أريد أن أخبرها بكلمة
على انفراد و قامت أسماء معي إلى الغرفة و كان هذا هو المقلب الحقيقي فلم
أكن مهيئا إطلاقا لذلك ,بل و كانت الدهشة سيد الموقف , في الغرفة كانت
أسماء أخرى غير التي رأيتها بالخارج فهي تجيد عملها جيدا و لكنني لم أتجاوب
فسألت مندهشة : ماذا بك ؟ قلت : مندهش قليلا تساءلت بذهن خال : ماذا
يدهشك ؟ رددت خجلا : لا شئ, بلا أدنى خجل أكملت خلع ملابسها ماعدا غطاء
الرأس و قالت : لا تفكر في شئ و دع الأمر لي. خرجت من الغرفة بقميص شفاف
محتفظة بغطاء الرأس و مرت مبتسمة لصديقي القابع بالصالة و كم هو مضحك و
عجيب , انتهز صديقي الفرصة لينصحني : ابسط يدك معها . دخلت أسماء الغرفة
مرة أخرى و خرجت علينا بكامل زيها و وقارها و استكملنا الحديث في السياسة
تارة أخرى و أسهبت أسماء و تحدثت بنفس المنطق المحكم , أحسست بغثيان و ميل
للقئ و لكنني تماسكت , قطعت حديثها قائلا : ألا ترقصين قليلا فردت غاضبة:
أنا لا أرقص إلا لمن سيتزوجني في الحلال , خيم صمت قصير قطعه صاحبنا موجها
كلامه لها ما رأيك أن تصنعي لنا قهوة نظل نتذكرك بها , هنا ابتسمت و قامت ,
وجه صديقي كلامه لي معاتبا بصوت خافت: خفف الحمل قليلا. أتت أسماء بالقهوة
ليشيع صديقي جوا من البهجة و يلقي علينا النكات فقد أدرك ماذا ألم بصديقه ,
و بعد قليل طلبتها في كلمة على انفراد لندخل الغرفة مجددا كي أعطيها مالا
كثيرا , نظرت لما في يدها و نظرت إلي و ابتسمت , هنا سألتها هل سأراكي
مجددا ؟ أجابت بالقطع , عندما انضممنا إلى صديقي استكملت حديثها البارع و
لست أدري لماذا كنت باردا متبلدا . استأذنت أسماء مع آذان العشاء فسألتها
بجدية : ألا تصلين العشاء قبل ذهابك ؟ فردت بروتينية بحتة : سألحق بالعشاء
في المسجد. ما أن ذهبت حتى نظرنا لبعضنا و انفجرنا ضاحكين حتى سقطت الدموع
من عيني.
الأربعاء، 17 سبتمبر 2014
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق