استراحة يا حضرات سار شاردا كعادته و اتجه إلى المقر حيث تقام الندوة, جلس مبلبل العينين لا يدري أين يضعهما, يتفادى النظر إليها و ما يلبث أن تجذبه العينين فيتعلق بهما عاشقا عابدا متبتلا , يتذكر فيجفل عنها ليهرب منها ثم ما يلبث أن يهرب إليها , يسبها ثم يتراجع , يبرر ما يكيله أن السباب موقف ثم يشعر بحنين غريب و انجراف إليها ثم يعود فيتماسك و تفر دمعة من عينه اليسرى يخفيها سريعا في منديله الأبيض كمن يرفع راية الاستسلام ثم يهبط به سريعا أيضا فقد قرر أن يكمل النزال إلى النهاية . تجلس بثقتها المعهودة و تصميمها الحجري لتستعرض عناصر الموضوع فيتوه في صوتها في كلامها في صمتها في إيماءاتها في إشارات يديها . يقول لنفسه لا بأس دعها تكمل ندوتها الأخيرة , تنظر إليه كمن انجذب لدرويش ثم تحول بصرها لتوزعه على الحاضرين ثم ما تلبث أن تعود إليه , ماذا تريد أن تقول ؟ أنني أحد الحاضرين لا فرق؟ يفكر و هو يكز على أسنانه , لا بأس دعها تكمل ما بدأت ستنتهي الليلة لا ريب تلك الناعسة الناعمة المغرية الجادة المتيقظة الجافلة الهاربة الرعديدة المؤجلة المعطلة المتدللة المتمنعة القاتلة المرعبة الجسورة العميقة البائسة عصير الوجود خلاصة الأنوثة سر بقائي حيا. استراحة يا حضرات يعلن منظم الندوة , يقوم إلى البهو , يراقب غرفة الاستراحة حتى يتأكد أنها بمفردها, يدخل مندفعا و يغلق الباب بالمزلاج , ترمقه بنظرة هادئة من خلف المكتب لا تخلو من قلق , يخرج المسدس من جيبه, يشد أجزاءه, تنظر إليه مندهشة و مازالت محتفظة بهدوئها و تبادره: أنت مريض جدا و تحتاج لمساعدة. - أنا مريض بحبك. - و مع هذا أنت مريض تحتاج علاج. - لقد حاولت أن أستمر بدونك و لم أفلح, حاولت أن أنساك, حاولت أن أدمرك داخلي فلم أستطع. - أنا لي الحق في الرفض. - و أنا أرفض هذا الرفض و لي الحق في الاتصال. - و أنا لي الحق في رفض اتصالك ثم تعال هنا أتظن أن المرأة هي خاتم بالإصبع تخلع هذا و تلبس ذاك. - ألم نجاهد لنتعلم أن لنا الحق في الانفصال أيضا. - و أين حق تلك الإنسانة التي ستنفصل عنها. - هي أيضا لها الحق في الانفصال عني , ماذا إذا قررت أن تستعمل هذا الحق أستقولين لها نفس الشئ؟ماذا إذا لم تستعمله هل هذا ذنبي؟ - أنت مشوش و تتخبط. - أنا ضعيف لم أقو بعد على اتخاذ قرار و هذا لا ينكر حقي في الحب و الحياة. - إجلس و دعنا نتناقش بعقل. - أفضل بقائي واقفا ................. أنا حر. - لا بأس ........... أريد أن أقول أن لي أسبابي و يمكنك أن تخمنها. - تقصدين مرضي المزمن و فارق السن...... ألا يشفع لي شيئا عندك ........ شئ تشعرينه داخلي و أنا أعلم أنك تستطيعين ذلك. - أنا لن أعمل مربية لك........ لا الوقت يسمح و لا الظروف ............ لا أستطيع أن أرعاك ......... إنها مسئولية صعبة و لا أريد أن أتحملها. - أستطيع أن أرعى نفسي و أرعاك و تستطيعين نفس الشئ معا ....... معا ..... أليس هذا قولك؟ أليست هذه عقيدتك؟ ........ أن واثق أنني معك سيتغير الكون من حولي . - الكون ؟؟ !!!!!! ألا تراك تبالغ قليلا . أحنت رأسها لتهمس كمن يحدث نفسه: أو كثيرا. - أنا واثق أن معك ستصبح الدنيا غير الدنيا. - لا تكن واثقا هكذا ..... كل شئ سيبقى كما هو بما في ذلك المرض. - حبك عذبني أكثر مما عذبني المرض و لا خلاص لي إلا بالخلاص منك. - هيا تعقل و اجلس و دعنا نكمل ما بدأناه ......... فقد بدأت بمساعدتك فعلا. - لا يسيدتي لا أريد منك شيئا الآن ... لقد نويت و النية محلهاا القلب. سدد المسدس إليها ,اغمضت عينيها وظل عنقها مشرئبا وظلت قامتها منتصبة لم تتكورتحت المكتب , رمقها بنظرة حنان واعجاب وما لبثت ان انطلقت طلقة واحدة فارقة بين الحياة والموت , بين الحب و الكراهية , بين القبول و الرفض وسمعت صوت ارتطام بالأرض , فتحت عينيها لتجدة مضرجا فى دمائة , شهقت شهقة خافتة و اندفعت نحوة لترفع راسة و تضمة الى صدرها فى حنان , ابتسم و جاهد قائلا :لم اكن أحلم .... بأكثر من ذلك . جاهد أكثر ليقول :لعلك تحبيننى الآن . ردت بحنان و الحزن يملأ عينيها :لم تعهدنى كاذبة ........... رد بصوت خافت :فعلا . واسبل عينية وما زالت ابتسامته تملأ وجهه . |
الأربعاء، 16 يونيو 2010
استراحة يا حضرات
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق